في زيارة استثنائية إلى دمشق هي الأولى منذ عشر سنوات، منح مفتي الجمهورية اللبنانية، الشيخ عبد اللطيف دريان، الرئيس السوري المؤقت أحمد الشرع "وسام دار الفتوى المذهّب"، في خطوة أثارت تفاعلاً واسعًا على مواقع التواصل، لما حملته من رسائل سياسية ودينية لافتة. الوسام الذي قلّده دريان بنفسه للشرع، جاء – كما ذكرت وكالة الأنباء اللبنانية – "تقديراً لمواقفه الإسلامية والعربية، ولجهوده في إعادة بناء سوريا"، لكنه بدا في أعين كثيرين أكثر من مجرد تقليد رسمي. لقد كان بمثابة إعلان دعم ديني وسياسي صريح لشخص أحمد الشرع، الذي بات يُنظر إليه كقائد المرحلة الانتقالية في سوريا، وربما كأبرز عنوان للشرعية الجديدة بعد سنوات الحرب والفوضى. وفي كلمته المؤثرة، توجه مفتي لبنان مباشرة للشرع قائلاً: "لقد صمدتم، وقاومتم، وانتصرتم بالشجاعة والمسؤولية. وها أنتم تنصرفون لصنع الجديد والمتقدم لدمشق وللشام وللعرب". وأضاف: "بقيادتكم، تستعيد سوريا معنى الدولة، وتعود قبلة للعرب، وركناً في نهضة إقليمية واعدة". الشرع في قلب الخطاب العربي منذ تعيينه رئيساً مؤقتاً لسوريا، بات أحمد الشرع محوراً لتحولات داخلية وخارجية، ونجح خلال أشهر قليلة في فتح نوافذ مغلقة، وإعادة بناء جسور دبلوماسية مع جيران سوريا، بدءاً من العراق والأردن، وصولاً إلى مصر ولبنان. زيارة مفتي الجمهورية اللبنانية وتكريمه الشخصي له، تُقرأ باعتبارها اعترافاً ضمنياً بشرعية الشرع في أعين المرجعيات السنية الكبرى، لا سيما أن الوسام لم يُمنح قبله إلا مرة واحدة، للرئيس اللبناني العماد جوزيف عون. وما يلفت أكثر، هو ما قاله دريان بوضوح: "في هذه الشهور القليلة، استطعتم أن تضعوا سوريا في مواقع من العرب والدوليين لم تعرفها أبداً في ظل النظام السابق". إشارات إلى مرحلة سياسية جديدة تكريم الشرع لم يكن مجرد حدث بروتوكولي، بل حمل رمزية عالية في التوقيت والمكان والكلمات. من دمشق، ومن على منبر ديني، قال المفتي إن "الانتخابات الحرة آتية، وسوريا تقف على أبواب تحول كبير"، وهي عبارة يرى فيها محللون دعماً مباشراً للرؤية التي يقودها الشرع، والتي تجمع بين الإصلاح السياسي والانفتاح العربي. ولم تغب الملفات الحساسة عن خطاب المفتي، الذي أشار إلى "المخدرات والمقابر الجماعية والتطرف"، مؤكداً أن "الطريق الذي اختاره الشرع صعب، لكنه ممكن". وقدأثار الحدث موجة تفاعل واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث اعتبر كثير من السوريين أن منح الوسام للشرع هو "تثبيت رمزي لمكانته الجديدة"، فيما اعتبره لبنانيون مؤشراً على بداية عهد مختلف في العلاقات مع دمشق. خلاصة تكريم أحمد الشرع في دار الفتوى لا يُقرأ كحدث عابر، بل كرسالة واضحة: العهد السوري الجديد يُكتب بحبر مختلف، والشرع بات في قلب المعادلة العربية. وسواء أكان هذا الوسام بداية لعودة دمشق إلى الحضن العربي، أم تمهيداً لدور أوسع للرئيس المؤقت في الإقليم، فإن ما جرى في دمشق هو بلا شك لحظة مفصلية، محلياً وإقليمياً.
التعليقات