لليوم الثالث على التوالي، تواصل ألسنة اللهب التهام مساحات شاسعة من غابات وأراضي ريف اللاذقية، وسط عجز ملحوظ في السيطرة على واحدة من أضخم حرائق الغابات التي شهدتها سوريا منذ عقود. بحسب تصريحات رسمية، التهمت النيران حتى الآن أكثر من 5600 هكتار من المساحات الخضراء، في ظل طقس شديد الجفاف، ودرجات حرارة مرتفعة، ورياح تذكي اللهب وتعيق جهود الإطفاء. تضاريس معقدة ومخلفات حرب، الإطفاء في مواجهة "الجحيم" وزير الطوارئ والكوارث، رائد الصالح، أعلن إرسال فرق دعم من عدة محافظات، لكن طبيعة التضاريس الجبلية، وبعد مصادر المياه، ووجود ألغام ومخلفات من سنوات الحرب، تجعل من الوصول إلى بؤر النيران أمراً بالغ الصعوبة، خاصة في مناطق مثل قسطل معاف ومحيط بلدة ربيعة. ولم يكن الصالح بعيدًا عن الميدان؛ فقد انتشر مقطع مصوّر له أثناء تواجده في إحدى نقاط الحريق، حيث بدا عليه الإرهاق الشديد وعلامات التعب الواضحة، وهو يُشرف ميدانياً على تنسيق عمليات الإطفاء، متحديًا الدخان الكثيف والخطر الداهم. وعلّق أحد رجال الإطفاء قائلاً: "الوزير معنا بين النار والدخان، ما تركنا لحظة". دعم طارئ، ومشاركة تركية نادرة منير مصطفى، مدير الدفاع المدني، أكد استنفار أكثر من 62 فريق إطفاء من مختلف المحافظات منذ مساء الخميس، بدعم مباشر من فرق إطفاء تركية مزودة بمروحيتين و11 آلية متخصصة. مشاركة نادرة تعكس حجم الخطر الداهم والتنسيق الإقليمي في مواجهة الكارثة. سحب الدخان تقترب من إدلب وطرطوس،وتحذيرات صحية عاجلة مع اتساع رقعة الدخان الناتج عن الحريق، بدأت سحب كثيفة من الغازات السامة تغطي سماء محافظات إدلب، طرطوس، واللاذقية، ما دفع الدفاع المدني لإصدار تحذيرات عاجلة شملت: البقاء في المنازل قدر الإمكان إغلاق النوافذ ارتداء الكمامات الواقية مراجعة المراكز الطبية عند الشعور بضيق التنفس عدم إشعال أي نيران مهما كانت الأسباب كما دعت السلطات إلى الإبلاغ عن أي نشاط مريب قد يرتبط بحرائق مفتعلة. هل تتحول اللاذقية إلى منطقة "منكوبة"؟ مع تزايد رقعة الحرائق، وتضاعف أعداد النازحين، وامتداد النيران إلى مناطق غنية بالغابات في ريف طرطوس وحماة وإدلب، تتعالى الأصوات لإعلان ريف اللاذقية منطقة منكوبة، والتحرك دولياً لاحتواء الكارثة قبل خروجها عن السيطرة. وسط هذه المعاناة، يُجمع كثيرون على أن مشهد الوزير المتعب بين ألسنة اللهب، يعكس صورة إنسان يحاول بجهده المباشر إنقاذ ما يمكن إنقاذه، في واحدة من أحلك اللحظات التي تمر بها البيئة السورية.
التعليقات