في تطور لافت، كشفت وكالة "رويترز" أن دمشق سلّمت واشنطن رداً خطياً على قائمة الشروط الأميركية التي طُرحت لرفع جزئي محتمل للعقوبات المفروضة على سورية. وقالت دمشق إنها أوفت بمعظم المطالب، بينما يتطلب تنفيذ البعض الآخر "تفاهمات متبادلة". وكانت واشنطن قد سلّمت سورية، في مارس/آذار الماضي، قائمة من ثمانية شروط، تضمنت تدمير أي مخزون متبقٍ من الأسلحة الكيميائية، وضمان عدم تمكين أجانب من تولي مناصب قيادية. وتسعى سورية، التي أنهكتها حرب مدمرة استمرت 14 عاماً وعقوبات خانقة من الغرب، إلى تخفيف هذه القيود الاقتصادية الخانقة. ورغم إصدار الولايات المتحدة إعفاءً محدوداً من بعض العقوبات في يناير/كانون الثاني، إلا أن أثره بدا ضئيلاً على الأرض. وأوضحت الوثيقة السورية، المؤلفة من أربع صفحات، أن دمشق مستعدة لإنشاء مكتب اتصال في وزارة الخارجية مهمته البحث عن الصحفي الأميركي المفقود أوستن تايس، مع تعزيز التعاون مع منظمة حظر الأسلحة الكيميائية. لكن الرد السوري جاء أقل تفصيلاً بخصوص قضايا أكثر حساسية، مثل طرد المقاتلين الأجانب والسماح للولايات المتحدة بشن ضربات لمكافحة الإرهاب. محاولة إبراز الجهود أمام مجلس الأمن وفي أول ظهور له أمام مجلس الأمن، سعى وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني، يوم أمس الجمعة، لإبراز التزام بلاده بالشروط الأميركية، لا سيما فيما يتعلق بالأسلحة الكيميائية والبحث عن المفقودين. ووفق "رويترز"، جاءت تصريحاته متناغمة مع مضمون الرسالة التي لم تكن قد كُشفت من قبل. وأكد متحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية لـ"رويترز" أن بلاده استلمت الرد السوري، مشيراً إلى أن واشنطن "تقيّم حالياً هذا الرد"، مضيفاً أن الاعتراف بالحكومة السورية أو التطبيع معها مرهون بالإجراءات التي ستتخذها دمشق مستقبلاً. إعفاء طويل الأمد مشروط بتحقيق المطالب مصادر مطلعة أوضحت لـ"رويترز" أن الولايات المتحدة قد تمدد تعليق بعض العقوبات لعامين آخرين إذا استجابت سورية بالكامل للشروط، مع احتمال إصدار إعفاءات إضافية. وكانت ناتاشا فرانشيسكي، المسؤولة الأميركية الكبيرة، قد سلّمت لوزير الخارجية السوري القائمة خلال اجتماع في بروكسل في 18 مارس/آذار الماضي، على هامش مؤتمر المانحين. ملف المقاتلين الأجانب عقدة لم تُفك بعد أما فيما يخص المقاتلين الأجانب، فأشارت الرسالة السورية إلى مناقشات سابقة مع المبعوث الأميركي السابق دانيال روبنستاين، لكنها أكدت أن هذه المسألة تتطلب "مشاورات موسعة". وبيّنت الوثيقة أن دمشق علّقت منح الرتب العسكرية الجديدة، بعد أن كانت قد منحت في ديسمبر/كانون الأول رتباً لعدد من المقاتلين الأجانب، من بينهم مقاتلون من الإيغور وأردنيون وأتراك. ورغم ذلك، لم توضح الرسالة ما إذا كانت الرتب قد سُحبت لاحقاً من هؤلاء، أو إن كان سيتم اتخاذ خطوات إضافية لمعالجة هذا الملف الحساس. ووفق مصادر مطلعة، فإن دمشق تتريث في التعامل مع هذه القضية، معتبرة أن المقاتلين الأجانب الذين قاتلوا إلى جانبها يستحقون معاملة خاصة. مكافحة الإرهاب بين التفاهمات والتحديات فيما يتعلق بطلب الولايات المتحدة تنسيق العمليات ضد الإرهاب، أوضحت دمشق أن تنفيذ ذلك "يتطلب تفاهمات متبادلة"، في إشارة إلى أن هذه المسألة لا تزال معقدة وتحتاج إلى ترتيبات أوسع بين الجانبين. حتى اللحظة، لم يصدر تعليق رسمي من الحكومة السورية على هذه التطورات المتسارعة، ما يجعل المشهد مفتوحاً على احتمالات عديدة.
التعليقات