news-details

شبكة هنا الشام بينما كانت المعارضة المسلحة تطرق أبواب دمشق، وفي لحظات بدت وكأنها الأخيرة ، كان الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد يدبّر بصمت خطة هروب محكمة، ليست له وحده، بل لثرواته الهائلة أيضاً. في تحقيق موسّع استند إلى أكثر من 14 مصدرًا سوريًا، كشفت وكالة "رويترز" تفاصيل مذهلة عن عملية تهريب أموال وأسرار دولة إلى خارج البلاد، باستخدام طائرة خاصة طافت بين دمشق وأبوظبي أربع مرات خلال 48 ساعة، في مهمة أشبه بعملية استخباراتية. المغادرة السرّية من قلب النظام في السادس من ديسمبر الماضي، اقتربت طائرة إمبراير ليغاسي 600، ذات الثلاثة عشر مقعدًا، من مطار دمشق الدولي، بينما كانت قوات المعارضة بقيادة "هيئة تحرير الشام" تزحف نحو العاصمة. كان مشهدًا غير عادي في قسم كبار الزوار بالمطار: أكثر من 12 فردًا من المخابرات الجوية السورية يرتدون زياً مموهاً لتأمين القاعة، وسيارات مدنية معتمة النوافذ تقترب ثم تغادر. وفق مصادر مطلعة، كانت الطائرة تحمل حقائب سوداء لا تحمل علامات، تحتوي على أكثر من 500 ألف دولار نقداً، وأجهزة كمبيوتر محمولة، ومحركات أقراص صلبة مليئة بوثائق حساسة. تلك الوثائق كانت كنزًا استخباراتيًا حقيقياً، توثق خريطة شبكة الأعمال السرية للأسد، المعروفة داخليًا باسم "المجموعة". يسار إبراهيم هو الرجل الظل الرجل الذي نسّق هذه العملية هو يسار إبراهيم، المستشار الاقتصادي الأقرب للأسد، والذي يصفه الخبراء بأنه مهندس إمبراطورية المال التابعة للنظام السابق. بصفته مدير المكتب المالي والاقتصادي للرئاسة، كان إبراهيم هو العقل المدبر وراء استئجار الطائرة وتنظيم الرحلات الأربع، التي أقلّت أيضًا أقارب ومساعدين للرئيس المخلوع. المصادر أفادت أن الطائرة كانت تعمل بعقد "إيجار جاف"، أي أن المُشغِّل يوفّر الطائرة فقط، دون طاقم أو خدمات. وقد نُفّذت الرحلات في سرية تامة، وسط غياب شبه كامل لأي تواصل رسمي مع السلطات الإماراتية أو الروسية، اللتين رفضتا التعليق على التقرير. طريق الهروب من دمشق إلى حميميم في الثامن من ديسمبر، بعد أن أصبحت العاصمة دمشق على وشك السقوط، تغيّر مسار الطائرة للمرة الأخيرة. لم تتجه إلى مطار دمشق، بل حطّت في قاعدة حميميم العسكرية الروسية، حيث شوهدت هناك في صورة أقمار صناعية التقطتها شركة "بلانيت لابز". من هناك، انطلقت إلى أبوظبي، حاملةً آخر دفعة من "أسرار الدولة". على متن الرحلة كان أحمد خليل خليل، مساعد يسار إبراهيم، وهو شخصية تخضع لعقوبات دولية بسبب دوره في دعم النظام. خليل حمل معه نصف مليون دولار نقداً، سُحبت قبل يومين من حساب شركة "البرج للاستثمار" المملوكة جزئياً لإبراهيم. حكومة الشرع تلاحق الأصول المسروقة الحكومة السورية الجديدة، بقيادة الرئيس أحمد الشرع، أعلنت أنها تسعى بجدّية لاستعادة "أموال الشعب" التي نُهبت قبل سقوط الأسد، وفق ما أكده مسؤول حكومي كبير لرويترز. لكن الطريق إلى هذه الأموال يبدو محفوفاً بالتعقيد، فالشبكة التي أدارها الأسد كانت متداخلة في قطاعات حيوية مثل الاتصالات والعقارات والبنوك والطاقة. غموض ما بعد الرحيل حتى الآن، لا تزال المعلومات شحيحة حول مكان الأسد بالتحديد، رغم تأكيد فراره إلى روسيا وحصوله على لجوء سياسي. ولم تتمكن رويترز من التواصل معه أو مع إبراهيم. كما لم تُعرف بعد الجهة التي كانت تدير عمليات الطيران المعقّدة تلك. لكن ما يبدو مؤكداً، أن الأسد لم يترك دمشق إلا وقد ضمن اصطحاب ما يهمه أكثر:



التعليقات

اضافة تعليق