news-details

شبكة هنا الشام في خطوة تكشف حجم التدخل الأمريكي في الشأن السوري، خصصت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) نحو 130 مليون دولار من ميزانيتها لعام 2026 لدعم ما تُسميه بـ"القوات الشريكة" في سوريا، وعلى رأسها "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد) و"جيش سوريا الحر"، بحجة محاربة تنظيم "الدولة" ومنع عودته. هذا الدعم ليس جديدًا، لكنه يأتي هذه المرة بشكل أكثر تفصيلًا، بما يكشف بوضوح أين تذهب الأموال، وكيف تواصل واشنطن الرهان على كيانات مسلّحة لا تخضع لسلطة الدولة السورية، بل تمارس سيطرة مستقلة في مناطق واسعة شمال شرق البلاد. تفاصيل التمويل الأمريكي وفق الوثائق الرسمية، يتوزع التمويل الأمريكي على النحو الآتي: 15, 6 مليون دولار للتدريب والتجهيز (أسلحة خفيفة، ذخيرة، مركبات، أجهزة اتصال، معدات طبية). 32, 4 مليون دولار للدعم اللوجستي (مواد غذائية، دعم طبي، نقل، وقود، خدمات حياتية). 65 مليون دولار رواتب تُدفع لما يصل إلى 19,000 عنصر من "القوات الشريكة". 1,55 مليون دولار لإصلاح البنية التحتية لمرافق الاحتجاز وتحسين الوضع الإنساني. 15, 4 مليون دولار للاستدامة تشمل دعم قسد، وقوات الأمن الداخلي، وقوات الأمن على مستوى المحافظات، والجيش السوري الحر. ويأتي هذا تحت غطاء دعم ما يسمى صندوق مكافحة تنظيم “الدولة” (CTEF)، الذي تقول أمريكا إنه ضروري لتمكين شركائها المحليين من مواجهة التنظيم واحتجاز مقاتليه. انتقادات مشروعة اللافت في الأمر أن هذا الدعم الضخم يُمنح لكيانات لا ترتبط بالدولة السورية، بل تقف على النقيض من سيادتها، وتمنع مؤسساتها من العودة إلى مناطقها. إن الولايات المتحدة، بهذا التمويل، لا تعزز مكافحة الإرهاب فحسب، بل تكرّس واقعًا سياسيًا وأمنيًا يضعف فرص إعادة توحيد سوريا. ثمّة تساؤل واضح: إذا كان الهدف هو القضاء على "داعش"، فلماذا لا يُمنح هذا الدعم للمؤسسات الشرعية للدولة السورية، بدلًا من تسليح قوى تحمل مشاريع انفصالية؟ تهديدات التنظيم أم ذرائع للتمدد؟ تعيد أمريكا تبرير دعمها لقسد من جديد، بالتزامن مع عودة تنظيم “الدولة” إلى الواجهة، حيث اتهمته وزارة الداخلية السورية بالوقوف خلف تفجير كنيسة “مار إلياس” بدمشق في 22 حزيران. كما نفّذت فرنسا ضربات في وسط سوريا، في كانون الأول 2024، لأول مرة منذ سنتين. لكن رغم كل ذلك، تواصل الدولة السورية تنفيذ عمليات نوعية ضد خلايا التنظيم، آخرها القبض على القيادي "أبو الحارث العراقي"، وهو شخصية بارزة في “ولاية العراق”، متورط بعدة عمليات وتفجيرات. بمعنى آخر، الدولة السورية حاضرة في ميدان المواجهة ضد الإرهاب، بينما تتصرّف أمريكا وكأن دمشق غائبة أو غير مؤهلة، وتواصل تمويل أدوات محلية بديلة. واقع من التقسيم برعاية أمريكية ما تقدمه واشنطن ليس دعمًا عسكريًا فقط، بل هو تكريس لأمر واقع سياسي ـ أمني، يُضعف الدولة ويُجزّئ الجغرافيا السورية. فـ"قسد" لم تُخفِ يومًا مشروعها الفيدرالي، ولا نيتها الاحتفاظ بالحكم الذاتي، ولا رفضها تسليم المناطق لسلطة الدولة. إن دعم أمريكا لهذا الكيان، تحت لافتة "محاربة داعش"، يُفقد هذا العنوان صدقيته، ويجعله ذريعة لتمويل الانقسام، لا الحرب على الإرهاب.



التعليقات

اضافة تعليق