رغم مرور أكثر من 20 يومًا على إصدار مرسوم منحة عيد الأضحى في سوريا، ما يزال آلاف الموظفين والمتقاعدين في القطاع الحكومي ينتظرون استلام مستحقاتهم، في مشهد أثار استياءً واسعًا وتسبب بخيبة أمل بين العاملين الذين كانوا يعوّلون على هذه المنحة لتلبية احتياجات العيد. المنحة التي أعلن عنها الرئيس السوري أحمد الشرع مطلع يونيو/حزيران، والمقدرة بـ500 ألف ليرة للعاملين و300 ألف للمتقاعدين، كان يفترض أن تُصرف قبل حلول العيد، لكنها تأخرت عن معظم الموظفين، لا سيما في محافظات اللاذقية وحمص وحماة والحسكة، في حين وصلت إلى عدد محدود في محافظات أخرى، بشكل متباين. تطبيق "شام كاش" يتسبّب في الأزمة السبب الرئيس خلف التأخير، وفق موظفين ومصادر مطلعة، هو القرار الحكومي الأخير الذي فرض صرف المنح والرواتب عبر تطبيق "شام كاش" الإلكتروني، بدلاً من الطرق التقليدية مثل الصرافات الآلية أو المندوبين. هذا التحول الرقمي المفاجئ أربك الموظفين، خاصة مع بطء إجراءات التحقق من البيانات وتوثيق الحسابات داخل التطبيق، إضافة إلى مشكلات تقنية وتنظيمية، أدت إلى تأخر وصول الأموال. يؤكد احد المدرّسين محمد البيطار أن رصيد المدرّسين لا يزال صفراً على التطبيق، رغم مرور أسابيع على إصدار المنحة. ويتسأل احد الموظفين عن إصرار الحكومة على اعتماد "شام كاش" رغم عدم جهوزيته. جدل قانوني حول "شام كاش" لم يتوقف الجدل عند حدود التأخير فقط، بل وصل إلى تشكيك قانوني ومؤسساتي بإجراء تحويل الرواتب عبر شركة خاصة، حيث أشار الباحث الاقتصادي يونس كريم إلى أن تطبيق "شام كاش" لا يملك توصيفًا قانونيًا داخل مؤسسات الدولة، معتبراً القرار "مخالفاً للأنظمة والقوانين النافذة، وينطوي على مخاطر تمس سيادة الدولة وأمن مواطنيها". وأضاف كريم أن تكليف شركتَي "الهرم" و"الفؤاد" بعملية الصرف يزيد من التعقيدات والازدحام، خاصة أن هذه الشركات غير مهيأة لدفع رواتب أكثر من مليون موظف، محذراً من أنها قد تصبح بمثابة "دولة موازية" في ملف الرواتب. دعوات لإصلاح آليات الصرف وتحسين البنية المصرفية وسط هذه الانتقادات، شدد عدد من الموظفين، على ضرورة تطوير آليات الدفع الحكومية بدلاً من نقل الطوابير من الصرافات إلى مراكز الحوالات، داعين إلى زيادة عدد الصرافات الآلية، وتوسيع خدمات المصارف بدلاً من خصخصة مهامها. المنحة التي كان يفترض أن تمثل دعماً مؤقتاً للموظفين والمتقاعدين في عيد الأضحى، تحوّلت إلى أزمة جديدة كشفت عن ثغرات عميقة في البنية الإدارية والرقمية لمؤسسات الدولة، وسط مطالبات بإعادة النظر في طرق صرف الرواتب والمنح مستقبلاً، ووقف تجريب السياسات على حساب لقمة عيش المواطنين.
التعليقات