هنا الشام تحرير محمد الراضي في تحوّل غير مسبوق، أعلنت واشنطن عبر مبعوث الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى سوريا، توم باراك، موافقتها على خطة تقدّمت بها القيادة السورية الجديدة لدمج آلاف المقاتلين الأجانب في صفوف الجيش الوطني السوري، في خطوة يرى مراقبون أنها قد تغيّر ملامح التوازنات الإقليمية. 3500 مقاتل أجنبي داخل الفرقة 84 الخطة، التي كشفت تفاصيلها وكالة "رويترز"، تقضي بضم نحو 3500 مقاتل أجنبي — غالبيتهم من الإيغور المنحدرين من الصين والدول المجاورة — إلى الفرقة 84، التشكيل العسكري الجديد في الجيش السوري، والتي ستضم أيضاً عناصر سورية. ورغم حساسية الملف، قال باراك إن "هناك تفاهماً وشفافية"، مشيراً إلى أن إبقاء هؤلاء المقاتلين ضمن مشروع الدولة أكثر أماناً من تركهم في العراء. مصير المقاتلين الأجانب الذين قاتلوا ضمن فصائل إسلامية متشددة خلال الحرب التي دامت 13 عاماً، لطالما كان عائقاً في وجه التقارب بين الغرب وسوريا الجديدة بعد سقوط نظام بشار الأسد أواخر العام الماضي. لكن الولايات المتحدة، التي كانت حتى مايو/أيار تطالب باستبعاد هؤلاء من القوات المسلحة، بدّلت لهجتها بعد جولة ترامب في الشرق الأوسط، والتي التقى خلالها بالرئيس السوري الجديد، أحمد الشرع، في الرياض. وكان الرئيس الشرع قد حاول إقناع واشنطن وحلفائها بأن دمج المقاتلين الأجانب أكثر أماناً من تركهم دون إطار رسمي، ما قد يدفعهم مجدداً للالتحاق بصفوف تنظيمات كـ"القاعدة" أو "داعش". وتحدثت صحيفة "نيويورك تايمز" عن مأزق يواجه الشرع: كيف يُرضي هؤلاء المقاتلين الذين قاتلوا إلى جانب المعارضة دون أن يحوّل البلاد إلى ملاذ للمتطرفين؟ وفي مقابلة مع الصحيفة، لمّح الشرع إلى أن الحكومة تدرس منح الجنسية للمقاتلين الأجانب الذين "ثبتوا إلى جانب الثورة"، لكن هذه الفكرة تُثير قلق الغرب، الذي يتوجّس من تجنيس مقاتلين سابقين في جماعات مصنفة إرهابية. ومن أبرز الشخصيات في هذا المشهد، يبرز اسم أبو محمد التركستاني، زعيم "الحزب الإسلامي التركستاني"، الذي منحه النظام السوري رتبة عميد في ديسمبر/كانون الأول 2024. هذا القائد الإيغوري كان قد قاد الفرقة 133، لكن وزارة الدفاع السورية رفضت حتى الآن دمج عناصره رسمياً، في انتظار تفاهم دولي واضح. ورغم ظهور التركستاني في الساحل السوري قبل أشهر، أمرت السلطات بإبعاده عن المناطق الحساسة، خوفاً من الانتهاكات، ووجهت مجموعاته للانتشار على طرقات حمص – طرطوس لضبط الحدود ومنع التهريب. ويبدو أن معظم المقاتلين الأجانب، خصوصاً الإيغور، باتوا جزءاً من النسيج الاجتماعي في شمال غرب سوريا. "كثير منهم تزوجوا سوريات، ولا يرغبون بالعودة إلى الصين حيث يُعتبرون إرهابيين"، ويبدو أن الخطة العسكرية تشمل فقط من ثبت ولاؤه، بينما سيُستثنى المتشددون الذين يرفضون الاندماج. ومع تضارب التقديرات بشأن أعداد المقاتلين — ما بين 5 آلاف إلى أقل من ذلك بكثير — تبقى الصورة ضبابية، في انتظار قرارات نهائية من دمشق وواشنطن، لكن الأكيد أن ما يحدث اليوم ليس مجرد إعادة هيكلة لجيش، بل إعادة تعريف لمفاهيم الولاء، والمواطنة، والعدو، في منطقة لم تعرف الاستقرار منذ أكثر من عقد.
التعليقات