news-details

وقّعت الحكومة السورية، يوم الخميس، مذكرة تفاهم ضخمة مع تحالف شركات دولي بقيادة شركة "يو سي سي" القطرية، في خطوة وُصفت بالتاريخية لإعادة إحياء قطاع الكهرباء في البلاد، باستثمارات تصل إلى سبعة مليارات دولار. التوقيع تم في قصر الشعب بدمشق، وسط حضور رسمي وشركات كبرى، ضمن مبادرة "إحياء الطاقة في سورية"، التي يُعوّل عليها لإعادة النور إلى مدن أنهكها الظلام لأكثر من عقد. المشروع، الذي تقوده شركة "UCC Concession Investments" التابعة لـ"يو سي سي" القابضة التي يرأسها رجل الأعمال السوري-القطري معتز الخياط، يتضمن إنشاء أربع محطات كهرباء بتقنية التوربينات الغازية الحديثة (الدورة المركبة) بقدرة 4000 ميغاواط، إلى جانب محطة طاقة شمسية بطاقة 1000 ميغاواط في جنوب البلاد. ويشارك في التحالف شركتا الطاقة التركيتان "Cengiz Enerji" و"Kalyon GES Enerji"، إضافة إلى الشركة الأميركية "Power International USA". ويأتي هذا الاتفاق بعد يوم واحد من إعلان دمشق توقيع اتفاقيات مع أربع شركات أخرى لتوسيع شبكة الكهرباء، في محاولة لتعويض العجز المزمن في الطاقة الذي تعاني منه البلاد. ويُتوقع أن يبدأ تنفيذ المشروع بعد الانتهاء من الترتيبات المالية، على أن تُنجز محطات الغاز خلال ثلاث سنوات، ومحطة الطاقة الشمسية في أقل من عامين. وزير الطاقة محمد البشير قال خلال مراسم التوقيع إن سورية تعيش لحظة فارقة في مسارها الطاقي، معتبرًا أن المشروع سيساهم في مضاعفة الإنتاج الوطني من الكهرباء ويُعيد الاستقرار لحياة السوريين، موضحاً أن الهدف يتعدى مجرد توفير الطاقة ليشمل إعادة تأهيل البنية التحتية وتحفيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية. أما الرئيس التنفيذي لـ"أورباكون"، رامز الخياط، فرأى أن المشروع يمهّد لمرحلة جديدة من الاستثمار النوعي في سورية، مؤكداً أن بناء قطاع طاقة حديث ومستدام هو الخطوة الأولى نحو تحقيق الاكتفاء الذاتي وإنعاش الاقتصاد الوطني. الحدث لم يكن محلياً فقط، إذ حضر المبعوث الأميركي الخاص إلى سورية توماس باراك، الذي وصف اللحظة بأنها نقطة تحوّل نادرة في العلاقات الثنائية. وأكد أن الإدارة الأميركية، بقيادة الرئيس دونالد ترامب، تدعم الحكومة السورية الجديدة، مشيرًا إلى أن قرار رفع العقوبات عن سورية، الصادر في 13 مايو الجاري، لم يكن مجرد خطوة سياسية، بل بداية استراتيجية بعيدة المدى لإعادة دمج سورية في الاقتصاد العالمي. الوضع الحالي للكهرباء في سورية كارثي. الانقطاعات تصل إلى 20 ساعة يوميًا في العديد من المناطق، مع قدرة إنتاج لا تتجاوز 2500 ميغاواط، مقابل طلب يتخطى 7000 ميغاواط. قبل الحرب، كانت سورية تنتج أكثر من 9000 ميغاواط، لكن العقوبات، ونقص الوقود، وتوقف الدعم الخارجي، أخرجت أكثر من نصف المحطات عن الخدمة. ومنذ مارس الماضي، بدأت قطر بتوفير الغاز لمحطة التوليد الرئيسية في دمشق، في خطوة إسعافية لتخفيف حدة الأزمة. الخطوة الأميركية الأخيرة، والمتمثلة بتخفيف العقوبات، تمنح بصيص أمل. فقد أصدرت وزارة الخزانة الأميركية ترخيصًا عامًا يتيح تعليقًا مؤقتًا للعقوبات، مع الإبقاء على بعض القيود المتعلقة بأفراد وكيانات معينة، ما يعني أن نافذة فتحت أمام الاستثمارات الدولية للعودة إلى السوق السورية، ولو بحذر. المواطن السوري، الذي طال انتظاره للكهرباء، يأمل الآن أن لا يبقى هذا المشروع مجرد إعلان على ورق، بل أن يكون بداية فعلية لنهاية سنوات من الظلام والعجز. وعلى الرغم من كل التحديات، فإن التوقيع الأخير يحمل رسالة واحدة واضحة: هناك من قرر أن يعيد تشغيل المفاتيح، وينير الطريق من جديد.



التعليقات

اضافة تعليق