news-details

صفاء السعايدة لم يكن سقوط النظام الذي نعيشه اليوم نتيجة لحدث عابر أو تحوّل مفاجئ، بل كان نتاج سنوات من الألم والتضحيات، كان الأمل خلالها محاطًا بالكثير من الأسئلة حول المستقبل. ومع كل سقوطٍ، هناك ولادةٌ جديدة، وهناك دائماً فرصة لمراجعة ما فقدناه ولما يمكن أن نبنيه من جديد. سوريا اليوم، بعد سقوط نظام استمر لسنوات، تواجه مرحلة فارقة، وخاصة في قضية المرأة، التي لطالما كانت حاملةً لراية التغيير، ولكنها اليوم تقف أمام تحدياتٍ كبيرة في ظل واقع جديد يعيد تعريف دورها في المجتمع. المرأة السورية: بين العذاب والصمود منذ انطلاق الحراك الثوري السوري، كانت المرأة هي الحجر الأساس في كل خطوة من خطوات التغيير، لكن في خضم تلك العواصف، تحملت أعباءً تفوق الوصف. فقد تحولت إلى أمٍ وزوجةٍ وصديقةٍ، إلى مقاتلةٍ وناشطةٍ، و إلى مناضلةٍ في سبيل حقوقها وحقوق أطفالها. مرّت سنوات من القصف والمجازر، حتى ضاع الحق في الحياة نفسها. ولكن، وسط تلك الفوضى، لم تغب المرأة عن ساحة النضال السياسي والاجتماعي. بل، على العكس، حملت على عاتقها مسؤوليات لم تكن لتتحملها في أي وقتٍ آخر. واليوم، بعد أن سقط النظام، تواجه المرأة السورية تحديات لا تقل شدة عن تلك التي عاشتها طيلة سنوات الحرب. ولكن في هذا الظلام، هناك دائمًا ضوء يمكن أن ينير لها الطريق. هنا في هذا الظرف الذي يعيشه المجتمع السوري، لن تكون المرأة السورية مجرد متفرجةٍ على أحداث بلدها، بل ستكون جزءًا من عملية إعادة البناء، حاملةً حلمًا وشغفًا في بناء مستقبلٍ أفضل لأجيالها القادمة. التحديات التي تواجه المرأة السورية بعد سقوط النظام 1. الحقوق الأساسية والتمثيل السياسي: في مرحلة ما بعد السقوط، ستواجه المرأة السورية تحديات ضخمة في ضمان حصولها على حقوقها الأساسية. فالتشريعات الاجتماعية والسياسية، التي طالما كانت تقيد حركة النساء وتهمش مشاركتهن في صناعة القرار، تحتاج إلى إعادة صياغة من جديد. فالمرحلة القادمة تضعنا أمام معركة حقيقية لاستعادة الحقوق السياسية والاجتماعية. هل سنتمكن من أن نكون في قلب عملية بناء المستقبل؟ هذا السؤال سيظل يلاحقنا. فالمشاركة الفعالة في السياسة ليست خيارًا بل ضرورة لنزع الحواجز التي وضعها النظام السابق ضدنا. 2. الصحة والتعليم: تُعتبر الصحة والتعليم من التحديات الأساسية التي ستواجه النساء بعد الحرب. فقد أُهملت خدمات الصحة العامة، وأصبح التعليم بعيد المنال للكثير من الفتيات اللواتي أجبرن على ترك مدارسهن بسبب القصف والنزوح. إعادة بناء القطاعين بحاجة إلى أولويات تراعي المرأة وتدرك الاحتياجات المتزايدة لها، بدءًا من التأهيل النفسي، وصولاً إلى خلق بيئة تعليمية تعزز من قدرات المرأة السورية. 3. التغيير الاجتماعي والاقتصادي: الوضع الاجتماعي والاقتصادي هو أحد أكبر المعضلات التي ستواجه المرأة السورية بعد الحرب. فقد تزايدت نسب الأرامل، وتعرض العديد من النساء للتهجير القسري، مما جعلهن في حاجة ماسة إلى فرص عمل ومصدر دخل مستدام. كما أن الوضع الاقتصادي المتدهور يزيد من تعقيد فرص تمكين النساء في المجتمع. في هذا السياق، لا بد من تعزيز برامج دعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة التي يقودها النساء وتمكينهن من الوصول إلى الموارد المالية. فرص المستقبل: 1. إعادة البناء من جديد: قد تكون هذه هي الفرصة الأفضل للمرأة السورية للمشاركة في بناء مجتمعها الجديد. فالنساء في سوريا أكثر من مجرد ضحايا، بل هن عنصر أساسي في عملية التغيير. اليوم، وفي فترة ما بعد النظام، ستتواجد العديد من الفرص التي يمكن أن تفتح الأبواب أمام النساء لهن في مجالات السياسة، الاقتصاد، والمجتمع المدني. فوجود المرأة في مواقع القيادة ليس فقط حقًا لها، بل ضرورة لاستدامة التغيير. 2. الشراكة في المجتمع المدني: كانت المرأة دائمًا قلب المجتمع السوري النابض في المجالات الاجتماعية. هذه اللحظة التاريخية قد تكون بداية لتحققها في بناء مجتمع مدني قوي، حيث يمكن للنساء لعب دور أكبر في تعزيز حقوق الإنسان، والدفاع عن المساواة، وإصلاح النظام القيمي الذي قيدهن لسنوات طويلة. 3. نهوض المرأة اقتصاديًا: إحداها الفرص البارزة التي قد تكون أمام النساء السوريّات في مرحلة ما بعد النظام هو نهوضهن الاقتصادي. مع تدهور البنية التحتية وغياب قطاع العمل التقليدي، ستكون مشاريع صغيرة ومتوسطة مملوكة للنساء في سوريا مكونًا حيويًا في عملية الانتعاش الاقتصادي. تحتاج هذه المشاريع إلى الدعم والتوجيه من قبل جهات مختصة، لا سيما في مجال التعليم المهني وإتاحة التمويل. ختامًا المرأة السورية، الأمل المستمر: المرأة السورية قد تكون نجت من أبشع أنواع الظلم، ورغم ذلك لا تزال شجاعة، مفعمة بالأمل. وقبل أن يسدل الستار على هذا الفصل المؤلم في تاريخ سوريا، يبدو أن بداية جديدة تتشكل تدريجيًا، لتكون المرأة في قلب هذا التغيير. هي ليست فقط ضحية أو مناضلة أو ناشطة، بل هي أساس بناء سوريا المستقبل، وهي ستكون من يقود هذه الدولة نحو السلام والعدالة. بإيمانها، وبشجاعتها، ستواصل المرأة السورية نضالها، وحين يكتب التاريخ الجديد لسوريا، سيكون اسمها فيه حجر الزاو



التعليقات

اضافة تعليق