news-details

في مشهد يعكس تعقيدات المشهد الإعلامي في سوريا بعد سقوط نظام الأسد، تحاول بعض الجهات التهرب من المساءلة عبر نشر الأكاذيب وتضليل الرأي العام. واحدة من أبرز هذه الجهات هي مجموعة "يلا" الإعلامية، التي أعلنت إيقاف نشاطها في سوريا تحت ذريعة "التهديدات المباشرة"، لكن الحقيقة التي تكشفها التحقيقات تظهر جانبًا مختلفًا تمامًا، إذ تورطت المجموعة في دعم النظام السابق وقمع حرية الصحافة، إلى جانب ترويج الأخبار المضللة لصالح روسيا. ادعاءات كاذبة وتهرب من المحاسبة زعمت مجموعة "يلا" الإعلامية، عبر بيان نشرته على صفحتها في "فيسبوك"، أنها تعرضت لتهديدات مباشرة من مسؤولين في القصر الرئاسي السوري، ما دفعها إلى وقف نشاطها الإعلامي. وادعت أن هذه التهديدات جاءت بعد كشفها "علاقات مشبوهة" لمسؤول رفيع في وزارة الإعلام السورية. غير أن هذه الادعاءات قوبلت بالتشكيك من قبل جهات صحفية مستقلة، أبرزها منصة "تأكد"، التي أكدت أن المجموعة ومديرها، أحمد مؤمنة، ليس لديهم أي أدلة موثوقة لدعم روايتهم. وفي منشور له على "فيسبوك"، كشف أحمد بريمو، مدير منصة "تأكد"، أن الادعاءات التي نشرتها "يلا" كاذبة، مؤكدًا أنه يمتلك أدلة تثبت تورطها في تبييض الأكاذيب لصالح النظام السابق، إلى جانب قمع حرية التعبير وتضليل الرأي العام عبر وسائل التواصل الاجتماعي. "يلا" ودورها في قمع الاحتجاجات السلمية لم يكن سجل "يلا" الإعلامية نزيهًا أو محايدًا، بل على العكس، لعبت المجموعة دورًا خطيرًا في قمع المظاهرات المعارضة للأسد. في عام 2020، اشتكى نشطاء سوريون من أن "فيسبوك" حظر مقاطع فيديو توثق الاحتجاجات في السويداء بحجة "انتهاك حقوق الملكية"، ليتضح لاحقًا أن الجهة التي ادعت ملكية هذه المقاطع هي شركة "يلا ميديا"، والتي تبين أنها على صلة مباشرة بالنظام السوري، وتستخدم هذه الوسيلة لمنع انتشار المحتوى المناهض له. وبحسب أحمد بريمو، فإن الشركة استغلت ثغرات في سياسة "فيسبوك" الخاصة بحقوق الملكية الفكرية، حيث زورت شهادات ملكية للمقاطع المصورة وطلبت من المنصة حظرها، مما ساهم في التغطية على المظاهرات والحد من وصولها إلى الجمهور. "يلا".. أداة لغسيل المعلومات لصالح روسيا لم يقتصر دور "يلا" الإعلامية على قمع المعارضة السورية، بل تعدى ذلك ليشمل دعم الحملة الإعلامية الروسية خلال غزو أوكرانيا. ففي تحقيق نشرته شبكة BBC في أبريل 2023، كُشف أن "يلا" كانت جزءًا من شبكة تضليل إعلامي تعمل على نشر الروايات الروسية المضللة لملايين الناطقين بالعربية. وقد أظهر التحقيق أن "يلا" نشرت محتويات مكررة عن الإعلام الروسي، بما في ذلك تقارير زائفة حول الحرب في أوكرانيا، مثل مزاعم بأن كييف تستخدم "طيورًا لنشر الأمراض"، إلى جانب فيديوهات مفبركة تُظهر الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في حالة سُكر. علاقات مشبوهة ودعم لموالين للنظام إضافة إلى تورطها في الترويج للدعاية الروسية، كانت "يلا" أداة بيد النظام السوري لدعم شخصيات إعلامية موالية له، مثل الصحفي شادي حلوة، الذي كان من أبرز الوجوه الإعلامية الداعمة لنظام الأسد وشركاته المرتبطة بالفساد، مثل "القاطرجي غروب"، التي فُرضت عليها عقوبات أمريكية بسبب تمويلها لجماعات إرهابية. كما كشفت مصادر أن المدير التنفيذي للمجموعة، أحمد مؤمنة، لديه علاقات وثيقة مع شعبة المخابرات العسكرية السورية، وكان أحد الأشخاص الذين زودوا هذه المؤسسة بأجهزة تجسس متطورة، حصل عليها من إحدى الدول الخليجية. الطريق إلى المحاكمة رغم إعلان "يلا" عن إيقاف نشاطها في سوريا، فإن المعلومات المتوفرة تشير إلى أنها تواجه اتهامات خطيرة قد تقودها إلى المحاكمة. فقد كشفت مصادر لمنصة "تأكد" أن وزارة الإعلام في الحكومة السورية الانتقالية قدمت ملفًا يتضمن أدلة تدين "يلا" ومديرها، وأرسلتها إلى وزارة الداخلية، تمهيدًا لاتخاذ إجراءات قانونية بحقهم. ولا يزال مصير أحمد مؤمنة غير معروف، إذ تشير التقارير إلى أنه كان في سوريا قبل نحو ثلاثة أسابيع، لكن مكانه الحالي مجهول، خاصة وأنه كان يقيم في الإمارات، حيث يوجد العديد من الشخصيات المرتبطة بالنظام السوري. خاتمة تكشف قضية "يلا" الإعلامية كيف تحول الإعلام في ظل نظام الأسد إلى أداة للقمع والتضليل، وكيف تستمر بعض الجهات في محاولة تبييض صورتها حتى بعد سقوط النظام. لكن مع وجود مؤسسات تحقق في هذه الادعاءات، مثل منصة "تأكد"، أصبح من الصعب على هذه الجهات التهرب من المحاسبة. فهل ستكون "يلا" عبرة لمن حاولوا توظيف الإعلام لخدمة أجندات سياسية قمعية؟ الأيام القادمة ستكشف المزيد . الصحفي داني عطايا



التعليقات

اضافة تعليق