شهدت محافظة السويداء يوم أمس السبت أكبر مظاهرات منذ اشتباكات شهر تموز الفائت، إذ تجمع المئات في ساحة الكرامة ومحيطها، مرددين شعارات انفصالية تطالب بالاستقلال عن الدولة السورية وحق تقرير المصير. وبرزت بشكل لافت أعلام الطائفة الدرزية إلى جانب أعلام إسرائيل، في خطوة وُصفت بأنها تحدٍّ رمزي خطير وغير مسبوق. المحتجون هتفوا بشعارات مثل: "الاستقلال وليس الإدارة الذاتية" و*"سوريا حرّة"*، إلى جانب مطالب بفتح ممر إنساني نحو الأردن. كما عبّر بعضهم عن امتنانهم لتدخل إسرائيل خلال المواجهات الأخيرة، التي اندلعت منتصف تموز بين الميليشيات الخارجة عن القانون في السويداء وقوات الهجري من جهة، والبدو السُّنة والقوات الحكومية من جهة أخرى. وخلال تلك المواجهات، تكبّدت القوات الحكومية السورية خسائر كبيرة في الأرواح والمعدات، بعد أن استهدفتها مجموعات مسلحة محلية خارجة عن القانون. وأسفرت الأحداث عن دمار واسع وتشريد عشرات الآلاف من العائلات البدوية، في وقت زادت فيه الفوضى الأمنية بسبب تغوّل تلك الميليشيات. التدخل الإسرائيلي عبر ضربات جوية استهدفت مواقع حكومية زاد المشهد تعقيدًا، وأدى إلى رفع العلم الإسرائيلي في بعض الاحتجاجات. في أعقاب هذه التطورات، ظهرت مبادرات دولية للتعامل مع الأزمة، بينها مساعٍ أميركية ـ إسرائيلية لفتح ممرات إنسانية، إلى جانب مباحثات دبلوماسية جمعت سوريا والأردن والولايات المتحدة بهدف تثبيت وقف إطلاق النار ودعم إعادة الإعمار. --- خطابان متضادان على منبر "سوريا اليوم"، تعددت القراءات: باحث سياسي وصف رفع العلم الإسرائيلي بأنه محاولة استفزازية مدفوعة من الخارج، مشيرًا إلى أن بعض القادة المحليين يتواطؤون مع جهات أجنبية بهدف إنشاء سلطة بديلة على حساب الدولة السورية. في المقابل، حاول معارضون تبرير التحركات بوصفها رد فعل على أوضاع معيشية صعبة، لكنهم تجنّبوا تحميل الميليشيات مسؤولية العنف. بينما شدّد محللون آخرون على أن ما يجري هو تهديد مباشر لوحدة سوريا، وأن المطلوب هو استعادة الدولة لسيادتها في السويداء ووقف تغوّل قوات الهجري والميليشيات المنفلتة. --- تقدير عام المشهد في السويداء يكشف عن صراع خطير بين الدولة والميليشيات الخارجة عن القانون، حيث يحاول البعض استغلال الأزمة الطائفية والفراغ الأمني لتحقيق مكاسب انفصالية بدعم خارجي. وفي الوقت الذي تتحمل فيه القوات الحكومية العبء الأكبر كضحية للعنف والفوضى، يبقى مستقبل المحافظة معلقًا بين خيارين: إما عودة سلطة الدولة وبسط القانون، أو استمرار الفوضى بما قد يقود إلى انفجار اجتماعي أكبر.
التعليقات