news-details

هنا الشام _ محمد الراضي أعلن معاون وزير الاوقاف سامر بيرقدار لتلفزيون الإخبارية السورية عن إطلاق مشروع متكامل لإعادة إحياء التكية السليمانية، أحد أبرز المعالم العثمانية في دمشق، وذلك من خلال إعادة دورها التاريخي كمركز ديني وخيري، عبر تقديم طعام مجاني يومي للمحتاجين، وافتتاح معهد شرعي وجامعة شرعية ضمن مرافقها. وخلال اجتماع ضم وزراء الثقافة والسياحة والأوقاف ومحافظ دمشق، تم الاتفاق على إعادة التكية إلى صورتها الأصلية التي أسسها السلطان سليمان القانوني، بما تحمله من قيم الرحمة والوقف والعلم. وتم التأكيد على تخصيص مطبخ مركزي يومي لتقديم الطعام المجاني للفقراء وذوي الحاجة، إلى جانب مرافق تعليمية شرعية تشمل حلقات علم، ومعهداً، وجامعة شرعية، تعيد بثّ روح العلم في هذا المكان التاريخي. ويُروى أن السلطان العثماني سليمان القانوني رأى في منامه النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) في بستان وسط دمشق، يوصيه ببناء جامع. فاستيقظ السلطان من نومه مسروراً، وأمر ببناء تكية كبرى وجامع على تلك الأرض، ليكون محراب المسجد في الموضع الذي وقف فيه النبي في الرؤيا. وأنشئت التكية خارج أسوار المدينة مع ساحة مجاورة لنصب خيام الحجاج القادمين من آسيا الوسطى والأناضول والبلقان، وكانت منذ نشأتها مركزاً لتقديم الطعام، ومكاناً للعبادة والراحة، وملاذاً للفقراء والمقطوعين من أهالي دمشق والمسلمين عامة. وقد استمر هذا الدور حتى دخول الفرنسيين عام 1920، حين تحوّلت التكية إلى مقر للقوات الاستعمارية بقيادة الجنرال غورو. وبعد الاستقلال، عادت التكية لتستأنف نشاطها الشرعي والتعليمي، وفي عام 1957 تحولت إلى المتحف الحربي، ثم إلى سوق للمهن اليدوية الدمشقية منذ عام 1974 وحتى 2023، مما جعلها حاضرة في ذاكرة أجيال من الدمشقيين. وخلال مرحلة الدفء في العلاقات السورية-التركية بين عامي 2005 و2011، تبرعت تركيا بمبلغ 20 مليون دولار لترميم التكية، وزارها رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان برفقة المخلوع بشار الأسد عام 2009، وافتتحا معرضاً عن معمار سنان. إلا أن هذه الترميمات لم تُعِد الدور الإنساني والديني للمكان، كما تسعى إليه الحكومة السورية الجديدة اليوم. ويسعى المشروع لإعادة إحياء الرسالة الروحية والاجتماعية للتكية: مكان يُطعم الجائع، يُعلّم الدين، ويُعيد للمدينة وجهها الإنساني. وسيتم تشغيل مطبخ دائم لتقديم الطعام اليومي المجاني، بإشراف من وزارات الأوقاف والشؤون الاجتماعية والثقافة. وفي زمن يعاني فيه كثير من السوريين من ضيق العيش وفقدان الأمان ، تعود التكية السليمانية لتكون نقطة نور في قلب المدينة. بيتاً للعلم والرحمة، تُطعم من لا يملك، وتعلّم من يريد أن يفهم دينه. إنها ليست مجرد ترميم لمكان، بل ترميم لرسالة مدينة بأكملها.



التعليقات

اضافة تعليق